Sabeel Christmas Message (Arabic)

” لان إلهنا رحيم رؤوف يتفقدنا مُشرقاً من العُلى ليُضيء للقاعدين في الظلام وفي ظلال الموت ويُهدي خُطانا في طريق السلام ” (لوقا 1: 78-79)

من أجمل التعبيرات عن السلام الكلمات أعلاه التي أنشدها الكاهن زكريا بعد ولادة ابنه يوحنا المعمدان بحسب ما كتب البشير لوقا.

إذ ننظر إلى أوضاعنا الحاضرة في نهاية هذه السنة 2010 وخلال فصل عيد الميلاد المجيد، نشعر بأن كلمات النبي اشعيا تنطبق على أوضاعنا اليوم:

“… ا‏بتَعَدَ الحَقُّ عَنَّا، والعَدلُ لم يَصِلْ إلينا. ننتَظِرُ النُّورَ فتُباغِتُنا العَتمَةُ، والضِّياءَ فنَسيرُ في الظَّلامِ. نتَحَسَّسُ الحائِطَ كالعُميانِ، ونتَلَمَّسُ كمَنْ لا عينانِ لهُ … ننتَظِرُ العَدلَ فلا يأتي والخلاصَ فيَبتَعِدُ عنَّا. ” (اشعيا 59: 9-11)

لقد كُتبت كلمات النبي اشعيا قبل أكثر من ألفين وخمسمائة سنة. وأوضاعنا اليوم لا تختلف عن أوضاعه. كنا نتوقع ان الرئيس أوباما سيقود الشعب الإسرائيلي والفلسطيني نحو تحقيق السلام في خلال هذه السنة. ولكن من المؤسف أن هذا لم يتم حتى الآن. ونشعر أن اخوتنا وأخواتنا لا يزالون قابعين في الظلام وساكنين في ظلال الموت. وفي وسط هذا الشعور بالألم واليأس نرفع صراخنا إلى الله ليُنجينا ويُخلصنا.

نحن نُدرك ان مسؤولية تحقيق السلام تقع على عاتق القادة الإسرائيليين والفلسطينيين. والسلام المنشود يتطلب التضحية والتنازلات. وقد أصبح واضحاً أن القيادة الفلسطينية قد وافقت على تنازلات كبيرة في قبولها قيام الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 أي في مساحة لا تتجاوز 22% من حدود فلسطين التاريخية. كما وافقت القيادة الفلسطينية أن تعيش بسلام وأمن بجانب دولة إسرائيل.

المشكلة إذن هي في عدم رغبة إسرائيل في إحترام متطلبات الشرعية الدولية. فالحكومة الإسرائيلية تُثمّن الأرض أكثر من السلام. وبناء المستوطنات أكثر من حقوق الانسان. تتكلم بلهجة ومفردات السلام بينما تبتلع الأرض الفلسطينية. حقاً إن أقدامها لا تسير في خطى السلام. صدقت فيها كلمات النبي اشعيا ” طريقُ السَّلامِ لا تَعرِفونَهُ، ولا في مَسالِكِكُم عَدلٌ. جعَلْتُم سُبُلَكُم مُعوَجَّةً، وسالِكُها لا يعرفُ السَّلام‌. ” (اشعيا 8:59)

نحن نؤمن أن الرب يسوع المسيح قد أظهر لنا في مجيئه طريق السلام وهو بإمكانه أن يهدي أرجُلنا في طريق السلام. فالسلام يتطلب الإلتزام والتضحية. والسلام يُبنى على الحق والعدل والرحمة ويجب أن يتحلى بمنطق المحبة. فالسلام الحقيقي لا يطلب تحطيم الأعداء بل رؤية الله في وجوههم. وعندما نقاوم الشر – بما في ذلك شر الاحتلال يجب أن تكون مقاومتنا قائمة على استعمال أساليب اللاعنف والطرق السلمية حتى نكسر شوكة الظلم والقمع. وفي نهاية المطاف لكي نثبِّت دعائم السلام علينا أن نحب للآخرين حتى لإعدائنا ما نحبه لأنفسنا. على هذه الأسس قد نتمكن من بناء السلام الدائم.

فالمطلوب من الأسرة الدولية هو الضغط على قادة دولة إسرائيل ليسيروا في طريق السلام من أجل تحقيق أماني الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني الذين يتوقون إلى السلام. والسلام في متناول اليد ويمكن تحقيقه. فلنتابع إذن الصلاة والعمل من أجل تحقيق سلام عادل دائم وناجع في بلادنا. مُتذكرين قول الرب يسوع المسيح ” طوبى لصانعي السلام ،لأنهم أبناء الله يُدعَون ” .

وكل عام وأنتم بخير – عيد ميلاد مجيد – وسنة جديدة مُباركة.